Powered By Blogger

dimanche 11 mai 2014

ستة أشهر من العمل الدؤوب -- ماي 1956 أكتوبر 1956-- مع زعيم الشباب الثاني المناضل عزوز الرباعي بأول كتابة دولة للشباب والرياضة

ستة أشهر من العمل الدؤوب -- ماي 1956 أكتوبر 1956--   مع زعيم الشباب الثاني المناضل عزوز الرباعي بأول كتابة دولة للشباب والرياضة بعد الاعلان عن استقلال الوطن: الاسهام في توحيد الجمعيات الكشفية و ضع اللبنات الأولى لسياسة تأطير الشباب و المشاركة في المعسكر العربي الثاني بالإسكندرية.

كنت أسمع  الكثير عن خصال زعماء الحزب الحر الدستوري في نهاية   أربعينيات القرن العشرين مثل العديد من شبان المهدية و تلاميذ المعهد الثانوي بصفاقس و في مقدمتهم كان  بالطبع الحبيب بورقيبة و صالح بن يوسف وكذلك المنجي سليم و على بلهوان و تلميذه  وخليفته في زعامة الشباب المناضل والخطيب الموهوب عزوز الرباعي.
أتذكر مليا أول لقاء جمعني بالمرحوم سي عزوز وكان ذلك بمدينة المهدية في صيف سنة 1950. وقد قدم عزوز الرباعي موفودا من الحزب أياما قليلة قبل زيارة رئيس الحزب الحبيب بورقية إلى جهة المهدية للتأكد من الترتبات المتخذة من طرف شعبة المهدية لانجاح  الجولة التعبوية  الكبيرة التي قام بها المجاهد الأكبر طيلة  حوالي أسبوع وهو يقيم في مدينة المهدية بشقة موجودة في الشارع الذي يحمل اليوم اسمه كانت على ملك الطيب ساسي. و بعد اليوم الأول الذي خصصه لمدينة المهدية تجول الزعيم الحبيب برقيبة إنطلاقا من مقره في المهدية في مختلف مدن و قرى الجهة....قصور الساف , الشابة, اللجم, السوسي, شربان..... وكانت من الزيارات التارخية الكبرى  الناجحة التي جسمت منهجية الاتصال المباشر بالشعب..قدمني إلى عزوز الرباعي قائد فوج الكشافة الاسلامية التونسية المرحوم ساسي رجب و كنت في تلك الفترة قد كلفت بقيادة فريق الجوالة التابع للفوج والذي كان يحمل اسم والدي " الطاهر صفر" وهو الفريق الذي أوكلت له مهمة مرافقة المجاهد الأكبر  في جولته بالجهة . قبلني سي عزوز بحرارة كبيرة وقال لي بنبرة بدت لي صادقة : "الله يرحم سي الطاهر فيلسوفنا الكبير...خسرناه....إنشاء الله تخلفه....". كان الرجل يتقد حماسا وله قدرة كبيرة على  تمرير حماسه إلى مستمعيه.. وسرعان ما تحول الحديث إلى جوهر الموضوع إنجاح زيارة المجاهد الاكبر.....
إنطلقت احداث المرحلة الحاسمة بداية من 18 جانفي 1952 وعلمت  كبقية رفقائي بالاعتقالات الممتتالية للزعماء والتي طالت مع آلاف المناضلين الدستوريين سي عزوز...ولم ألتقي به من جديد إلا بعد قدوم "مادس فرنس" إلى تونس وخطابه الشهير أمام الباي..وكان ذلك اللقاء الثاني في مكتب القائد العام لجمعية الكشافة الاسلامية التونسية  المرحوم عبد الله الزواغي بنهج بوخريص في العاصمة...كنت أعمل كقيم بمعهد " كارنو" و أواصل دراستي في القانون والاقتصاد والتاريخ بمعهد الدراسات العايا متحملا في المنظمة الكشفية مسوؤليتان:  كنت عضوا في دورية تحرير مجلة "السبيل" مع عدد من القادة منهم المرحوم الهادي التميمي و القائدة لقسم الفتيات راضية بلخوجة و برئاسة التيجاني الكتاري قائد قسم التجوال. و كنت مسؤولا  في نفس الوقت عن دورية قسم التجوال في إقليم تونس الذي كان يقوده  بإقتدار و بمثالية نادرة المرحوم الطاهر درغوت... كان الحديث مع الأخ عزوز في هذا اللقاء الثاني مركزا على مستقبل حركات الشباب ودورها الطلائعي في تونس الجديدة المتحررة التي بدأنا نستشرف آفاقها....و تناول الحديث بالطبع ضرورة تجسيم في أول مناسبة حلم جل الكشافين: توحيد الجمعيات الذي سعى إليه المرحوم المنجي بالي و رفاقه منذ الأربعينيات بدون نجاح لان السلط الاستعمارية كانت دوما تعمل لاخفاقه....بعد  هذا اللقاء الثاني كانت لي مع سي عزوز لقاءات عديدة خصوصا بمناسبة دعوته لالقاء محاضرات في التربية الوطنية و في تاريخ الحركة الوطنية  بمناسبة تنظيم ملتقيات تدريب قادة الجوالة لاقليم تونس في مركز بئر الباي....
كانت دورية مجلة السبيل مركزة في عملها أساسا على النشاط الكشفي ولكنها كانت تتابع كجل التونسيين تطور الأحداث المتسارعة في البلاد... وقبل إنتهاء المفاوضات التي أدت إلى الاستقلال التام للوطن أصدرنا عددا  مميزا لمجلة السبيل مخصص للبحث في أفضل السبل والمناهج لتأطير و إعداد الشبات حتى يتحلى بضفات المواطن الصالح لمواجهة تحديات البناء والتقدم بالمجتمع و في مقال من مقالات هذا العدد أبرزنا بحروف كبيرة إننا " نطالب ببعث كتابة دولة للشباب"  تعوض المصلحة التي كانت  في تلك الفترة تهتم بشؤون الشباب والرياضة و كان يشرف عليها الفرنسي " بو رنيكال" المنبوذ من جل المنخرطين في منظمات الشباب. و أعلمني القائد العام عبد الله الزواغي بعد صدور هذا العدد أن عضوا من الديوان السياسي للحزب- لم يرد ذكر اسمه- قد عاتبه عن لهجة المقال و عن طريقة " المطالبة" التي يعتبرها سابقة غير صالحة....ولكن سررنا عند تشكيل الوزارة الأولى بعد الاعلان عن الاستقلال في أفريل 1956 بتلبية مقترحنا من طرف الزعيم الحبيب بورقيبة و قد بعثت فعلا إلى جانب مختلف الوزارات أول كتابة دولة للشباب والرياضة وعين على رأسها المناضل عزوز الرباعي. وكان جل المنخرطين  في جمعيتنا الكشفية التي كنت متصلا بهم في تلك الفترة قد رحبوا بذلك الاختيار و رأو فيه حقا تجسيم تلك الكلمة المعروفة: "الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب" و يرجع كل ذلك للخصال و للشعبية التي كان المرحوم  معزوز الرباعي يحضى بها لدى شرائح عديدة من الشباب التونسي.
طلب مني سي عزوز بمجرد تقلده مسؤوليته الجديدة أن أتصل به و كان ذلك عن طريق القائد العام عبد الله الزواغي. ولما دخلت  إلى مكتبه وجدت معه السيد حسيب بن عمار والسيد هنية وكنت لا أعرفهما من قبل فبادر سي عزوز بتقديمهم  و بتعداد خصالهم و أضاف :" قد وافق بعد سي حسيب أن يعينني بصفته مندوب عام للرياضة و وافق سي هنية بأن يلحق بكتابة الدولة الجديدة ليتحمل مسؤولية الادارة المالية و شؤون الموظفين والعملة أما انت فأكون سعيدا إذا كنت مستعد للالتحاق بنا لتتحمل معنا مسؤولية المندوب العام للشباب حتى تكتمل النواة الاولى من الفريق الذي سيعاضدني في هذا المسؤولية التي أقدر جسامتها.."
كان سي عزوز يخاطبني بكل لطف و كأنه  الأخ الكبير ولم يغريه " التوزير" ولم يغير شيئا من تواضعه العفوي.و اسلوبه  الحميمي في التخاطب...طلبت منه أن يفسر لي ما كان ينتظر مني أن افعل في الاشهر الأولى... فوضع سي عزوز في المقدمة إعادة هيكلة مركز التكوين بئر الباي بالضاحية الجنوبية للعاصمة والتركيز على العمل  للاستجابة لحاجيات انتشار و توسع نشاط مختلف منظمات الشباب  من كشافة و مصائف و مضائف و شبيبة مدرسية و شباب دستوري ملحا على ضرورة تكثيف التشاور مع المسؤولين على هذه المنظمات والاصغاء إلى مقترحاتهم قبل إعداد برنامج عمل كتابة الدولة. شكرت سي عزوز على الثقة التي وضعها في شخصي بالرغم من قلة خبرتي وصغر سني  وقلت له هنالك قادة في الكشافة أكثر مني تجربة و كفاءة مثل القائد عبد الله والقادة التيجاني الكتاري و توفيق السلامي و الهادي السافي والهادي التميمي وغيرهم كثر والحمد الله. وأضفت إني أعمل الآن كقيم و لم تكتمل بعد دراستي و أنا عازم على استكمال الايجازة في الحقوق والاقتصاد وفي التاريخ.. فقال سي عزوز : " القائد عبد الله هو اول من فكرت فيه ولكنه أقنعني أنه في هذه المرحلة يفيد أكثر على رأس أكبر جمعية كشفية.. اما  تيجاني الكتاري و توفيق السلامي فتنظرهما مسؤوليات هامة في الأمن و أما الهادي السافي فقد فكرت فيه لادارة ذلك المركز المحوري, مركز "بئر الباى" وأنت تعرف جيدا أهمية هذا المركز و ستجد من سي الهادي السافي كل الدعم والنصح في خطتك إذا قبلت المسؤولية."...و أضاف سي عزوز:" قد لحظت جيدا عملك الجاد في السنة الماضية في إقليم تونس التابع للكشافة الاسلامية التونسية..فلا تنقص من كفائتك ونحن في حاجة إلى جديتك في هذه المرحلة الأولى..و أما دراستك العليا فستكون في وضع سي حسيب إذ أنه ايضا لم يكمل دراسته و بقيت له سنة سيواصلها بالتوازي مع تحمله المسؤولية..و اني مستعد لتمكينك من حضور الدروس التي يتعين عليك حضورها  حتى في أوقات العمل..."  شكرت سي عزوز و قبلت بكل اعتزاز المسؤولية مذكرا سي عزوز بضرورة الانطلاق الفوري في الاعداد لتوحيد الجمعيات الكشفية و كان جوابه واضحا بدون لبس : " أنت تعرف مدى تحمسي لفكرة التوحيد..فالتكن مهمتك الأولى توحيد الحركة الكشفية و بادر بالحديث مع كافة المسؤولين على الجمعيات...هكذا كانت انطلاقة العمل مع سي عزوز....لم تطل المدة ولكن كانت ستة أشهر كلها عمل دؤوب و منجزات ثابتة...أستسمحكم استحضار البعض منها على سبيل المثال...
قد مت استقلاتي من مهمة قيم و التحقت بكتابة الدولة الفتية بداية من غرة ماي 1956 وأخذت مكتبي في البناية  المحترمة المتواجدة في شارع باريس  والتي تمكن المرحوم عزوز الرباعي من الضفر بها عوضا عن مقر المصلحة الاستعمارية للشباب التي كانت في نهج سيدي بة منديل...
 ومكنتني فعلا هذه المهمة من الإسهام الفاعل مع عدد من القادة و في مقدمتهم القائد عبد الله الزواغي من تحقيق ما كنا نصبو إليه من توحيد لكافة الجمعيات الكشفية التونسية وهي أربع جمعيات: كشاف الرجاء , كشاف تونس ,الاتحاد الكشافي الإسلامي والكشافة الإسلامية التونسية.   وكانت بدون منازع الكشافة الإسلامية التونسية أكبر جمعية من حيث عدد المنخرطين والإشعاع والتواجد في مختلف مدن البلاد والاسهام في المرحلة الحاسمة لتحرير تونس.كنت أتصور وأعتقد أن منظمة كشفية عتيدة ومستقلة عن الأحزاب السياسية سيكون لها دور كبير ومصيري لإعداد أطفالنا و شبابنا حتى يكونوا المواطنين النموذجيين لبناء مستقبل مشرق لوطننا.







مؤتمر الوحدة الكشفية التونسية: منظر من الجلسة العامة في قاعة مقر كتابة الدولة للشباب والرياضة بشارع الحرية يوم غرة جويلية 1956  إفتتح الجلسة السيد عزوز الرباعي.
هذه صورة للمشاركين المبتسمين في الجلسة العامة للمؤتمر التوحيدي للجمعيات الكشفية التونسية يوم غرة  جويلية 1956 في القاعة الكبرى للاجتماعات بمقر أول كتابة دولة للشباب والرياضة. ولا تظهر في الصورة المنصة التي تواجد فوقها المشرفون على الجلسة يتقدمهم المناضل عزوز الرباعي- أول وكيل كاتب دولة للشباب والرياضة في أول حكومة تونسية بعد إمضاء اتفاقية الاستقلال- وهو الذي افتتح المؤتمر وأعطى توصيات الحكومة وتصوراتها المستقبلية لدفع حركات تـاطير وتكوين الشباب لإعداده حتى يكون مواطنا صالحا  فاعلا في المجتمع ثم غادر السيد عزوز الرباعي القاعة تاركا للمؤتمرين كامل الحرية للقول الفصل لتجسيم عملية التوحيد التي تمت في اجواء أخوية منعشة.




أول مشاركة كشفية تونسية رسمية في ملتقى كشفي عربي كبير بمصر في
ضا حية مدينة الاسكندرية: أبو قير.
هذا وكنت قد كلفت  بمجرد الانتهاء من عملية توحيد الحركة الكشفية  بقيادة  أول مشاركة لجمعية  الكشافة التونسية في المعسكر الكشفي العربي الثاني "بأبوقير" في ضاحية مدينة الإسكندرية المصرية في جولية 1956. { كلمة "معسكر" تستعمل في الشرق في الوقت الذي كنا في تونس نستعمل مصطلح أكثر ملائمة : الملتقى الكشفي}  وكان الوفد الكشفي التونسي أول وفد يصل المعسكر على متن حافلتين انطلقتا من تونس العاصمة عبر التراب الليبي وقد دشن هذا المعسكر الكشفي العربي الرئيس جمال عبد الناصر بنفسه اسبوعا بعد إنطلاق اشغاله  وألقيت كلمة تونس أمامه بعد أن أحرز الوفد التونسي على نجاح مرموق خاصة أثناء الاستعراض الرسمي لجميع الفرق المشاركة وقد  حضر هذا الاستعراض السيد عزوز الرباعي بصفته كاتب دولة للشباب في الحكومة التونسية مع عدد من وزراء الشباب في الدول العربية المشاركة. وكان الجو غير ملائم  بالنسبة إلى صورة تونس في تلك الفترة في مصر و في عدد من الدول العربية من جراء الدعاية اليوسوفية التي قدمت معطيات مغلوطة عن الأوضاع في تونس. و كان السيد الصادق المقدم أول سفير لتونس المستقلة بالقاهرة قد وصل إلى القاهرة منذ اسابيع و لا يزال يسكن في النزل في انتظار اعداد مقر السفارة و كانت الصحافة المصرية غير منصفة في تعليقاتها على ما يدور في تونس حتى أني اتذكر أننا اقتنينا مجلة مصرية اجرت حديثا مطولا مع الصادق المقدم تناول جل مواضيع الساعة ولكن اختارت المجلة ابراز في صفحتها الأولى بتهكم جواب للسفير عن سؤآل هامشي يتعلق بالطعام المفضل للسفير فكتبت بحروف بارزة ' السفير التونسي يحب الملوخية بالافراخ"....هذا يعطي فكرة عن الجو الذي واجهه بكل حنكة و اقتدار كل من المناضل عزوز الباعي بصفته الرسمية ككاتب دولة للشاب سواءا في لقاءه مع الرئيس عبد الناصر او مع نظيره المصري أو مع زملائه في الدول العربية المشاركة في الملتقى...كما واجه هذا الجو بذكاء كبير و بلباقة كافة الكشافة و الجوالة التونسيون الذين كانوا بتلقائية وبغيرة فائق على وطنهم يطيلون الحديث الهادي والموضوعي مع الكشافين العرب حتى تغيرت الصورة عن تونس في آخر مدة الملتقى و كان للنشاط الكشفي المكثف و المثالي الأثر الكبير لتغيير نظرة كافة المشاركين إلى تونس من خلال سلوك أبنائها و شبابها الكشفي إلى درجة أن في آخر الملتقى تقرر أن ينظم المعسكر الكشفي العربي الموالي أي  المعسكر  العري الثالث في تونس العربية المسلمة.
وقد استعنت لإعداد ولإنجاح  المشاركة التونسية في هذا اللقاء الكشفي العربي الكبير - بصفتي قائد عام لكامل البعثة التونسية - بالخصوص بالقادة المقتدرين الأجلاء: الهادي التميمي( كان قائد فريق الجوالة في البعثة) ومحمد الشاوش( كان قائد الفرقة الكشفية بمساعدة القائد الطيب نويرة) وعبد العزيز التريكي( أمين مال البعثة) وساسي رجب( المسؤول عن العمل التطبيقي الالكتروني) والقائدة راضية بالخوجة (المسؤولة عن فرقة الفتيات بالبعثة التونسية) . كان المناضل الصادق المقدم في تلك الفترة يتحمل مهام أول سفير لتونس المستقلة في القاهرة وكان يوم قدومنا الى مصر لا يزال يقيم بالنزل في انتظار إعداد  دارإقامة السفارة التونسية.
2 أنموذج من بطاقة بعثة الكشافة التونسية إلي المعسكر الكشفي العربي الثاني صيف 1956
صورة لمدخل( منارة مصغرة لجامع القيروان صنعناها من الخشب  ) مخيم البعثة الكشفية التونسية في معسكر أبوقير بالاسكندرية جولية 1956
قمنا بإعداد جيد ومتقن للمشاركة في هذا الملتقى العربي بدأ بحسن اختيار القادة وكافة أعضاء البعثة ثم بتنظيم مخيم تمهيدي بمركز "بئر الباي" وأشرفت بنفسي على كافة الترتيبات قبل السفر الذي سخرت له الحافلتان التي كانت ورثتهما كتابة الدولة للشباب والرياضة عن مصلحة الشباب والرياضة في عهد الاستعمار واستعرت من وزارة الفلاحة - بمساندة من القائد التيجاني الكتاري الذي كان وقتها يعمل بها كمهندس رئيس مصلحة- شاحنة كبرى من نوع مرسديس خصصت لحمل الأجهزة والأمتعة. وسخرت سيارة الجمعية الكشفية من نوع "لندروفر " واستعرت من مصلحة الصناعات التقليدية "خيمة شعر" كبيرة للاستقبالات مع كافة اللوازم: من زرابي ومقاعد من الجلد و موائد من الصناعة التقليدية التونسية بالإضافة إلى صنع مدخل من الخشب يمثل منارة جامع القيروان المعمور. واحتياطا من حرارة الشمس في مصر اخترت لكافة أعضاء البعثة " المضلة القابسية " الجيدة الصنع وجهزت كافة أعضاء الوفد بفراش فردي من نوع جديد خفيف الحمل إطاره مكون من  مادة "الاليمينيوم" الذي يطوى بسهولة ويجد فيه الإنسان الراحة الكافية لنوم هادي يسترجع به قواه.انطلقنا من العاصمة وكانت المحطة الأولى بقابس ثم  كانت المحطة الثانية بطرابلس أين استقبلنا بحرارة كبيرة  مع حسن الضيافة القائد العام للكشافة الليبية علي خليفة الزائدي مصحوبا بكوكبة من القادة الأشقاء.
قضينا ليلة بطرابلس تبادلنا فيها الآراء مع قادة الكشافة الليبية حول تطوير المناهج التربوية الكشفية على ضوء مقتضيات المراحل الجديدة التي تعيشها الدول العربية. وكانت المحطة الثالثة بمدينة بنغازي أين استقبلنا بحفاوة وترحاب من طرف كوكبة من الأساتذة الجامعيين كانت لنا معهم في الليل مسامرات وحوارات مفيدة حول النظام التربوي والجامعي الليبي وحول المستقبل المشترك للمغرب العربي وسبل عمل الحركات الشبابية للإسهام في بناءه.قصر إقامتنا بليبيا لم يمكنا من التعرف بعمق عن تركيبة المجتمع الليبي وعن الوضع الحقيقي في البلاد وكانت الكشافة الليبية في تلك الفترة نخبوية فلم نتعرف على مختلف شرائح المجتمع.وكانت المحطة الرابعة  من الرحلة صعبة نوعا ما: إذ وصلنا إلى الحدود المصرية ( مرسى المطروح )مع غروب الشمس ولم نجد أحدا من ممثلي الكشافة المصرية في انتظارنا وقال لنا عون القمارق المصري إن مكاتب مصلحة عبور الحدود قد أغلقت منذ ساعة ولا يمكن القيام بالاجرآت القمروقية إلا في صباح الغد. ولم يبقى لنا أي خيار إلا النوم جالسين على المقاعد في الحافلات مع أكل لمجة خفيفة... واجهنا طبعا هذا الوضع بتبادل النكت وبالأناشيد حتى رمنا إلى النوم. وفي الصباح طلبت مقابلة رئيس المركز فوجدته خالي العلم بقدوم الوفد التونسي ولكنه خاطب بالهاتف رؤسائه بالقاهرة وأعطوه فورا التعليمات للسماح لنا بالدخول الى التراب المصري والتوجه مباشرة الى مقر المعسكر بأبوقير على أن يقع النظر في جوازات السفر في ما بعد في مصالح الإسكندرية بعد أن نستقر في المعسكر. وانطلقت القافلة إلى مقر المخيم الذي كان غير بعيد عن شاطي البحر. وكان الوفد التونسي من أول الوفود التي كانت قد أتت إلى مقر المخيم في الموعد المحدد. نزلت من السيارة وطلبت من الزملاء القادة الإشراف على عملية إنزال الجرابات من فوق الحافلات حتى نستعد للدخول مصطفين منشدين كل منا حاملا جرابه على ظهره. ودخلت المعسكر طالبا من الحراس تمكيني من مقابلة قائد المعسكر او من ينوب عنه. رافقني أحد الحراس الى مكتب قائد المعسكر الذي رحب بي ودعاني مباشرة إلى التعرف على المكان الذي خصص للوفد التونسي. واصطحبته وسرنا مترجلين حتى بلغنا آخر تقسيم في الأرض التي خصصت للمعسكر وقال لي القائد المصري وقد نسيت اسمه : هذا هو المكان الذي خصص لكم... فكان جوابي ورد فعلي سريعا :" هذا غير معقول يا قائد.....الوفد التونسي ينضبط ويأتيكم من بعيد برا محترما الأوقات الرسمية....وتحشرونه في آخر مكان في المعسكر مساحته لا تفي بالحاجة بالنظر لأهمية و عدد  افراد الوفد التونسي...فهذا غير معقول....قدومنا في الوقت المحدد يعطينا منطقيا حق اختيار المكان الذي يتماشى مع حجم الوفد وعتاده و برنامج نشاطه .." وقفلت راجعا مسرعا نحو الحافلات والقائد المصري يهرول خلفي محاولا تفسير نظام المعسكر وطريق توسيع التقاسيم و ذلك حتى وصلنا الى الحافلات التونسة... وجدت الجرابات قد أنزلت من فوق الحافلات فصحت : " أرجعوا الأمتعة فوق الحافلات نحن عائدون  من اين اتينا.....".  فأقترب مني القائد المصري وهمس في اذني: " ما تزعلش  يا أستاذ. أقترح عليك أن نتجول في المعسكر مع زملائك قادة البعثة واختاروا المكان الذي يرضيكم ..".  فأجبته بسوط عالي حتى يسمعني الجميع :" على هذا الأساس أهلا وسهلا نشكرك على هذا الاقتراح العادل " وطلبت من القائد الهادي التميمي ومن القائد أحمد الشاوش أن يصطحبوا القائد المصري وأن يختاروا المكان الذي يتلاءم أكثر مع تركيبة الوفد والأمتعة التي أتينا بها. وبعد برهة قصيرة عاد القائد التميمي وقال لنا: اخترنا أول مكان لتركيز المخيم في مدخل المعسكر على اليمين. اقترحت على القائد العام  المصري ليحضر معنا تحية العلم التونسي الذي سنعمل على رفعه صباح الغد في الوقت الرسمي المخصص مسبقا لافتتاح المعسكر واستجاب للمقترح. وصاح الكاشفون والجوالة صيحة الاستحسان مردين :" مرحى..مرحى..بارك لله فيك..." وأسرع الجميع كخلية النحل...يقوم كل فرد بالعمل الذي يتعين القيام به. وبرهن كافة القادة الذين اصطحبوني وشاركوني في تأطير البعثة و كذلك كافة أعضاء البعثة بكفاءة عالية و في جو منعش من البهجة والفرح والجد في العمل حتى إني أكاد أقول أني -في هذا الملتقى العربي الهام الذي نشارك فيه لأول مرة كدولة مستقلة- لم أبدي طيلة إقامتنا بالمعسكر  أي ملاحظة تذكر وكانت الأنشطة -التي نتفق عليها في كل مساء في الاجتماع الذي أترئسه لتقييم النشاط اليومي وضبط نشاط اليوم الموالي- تتم على أحسن ما يرام وبامتياز بارز للجميع سواء كانوا مشاركين  في المعسكر أو زوار وضيوف. وبقيت في ذاكرتي أن هذا المخيم كان من أنجح المخيمات التي كان لي شرف تسييرها والفضل يرجع أساسا للقادة الذين كانوا حولي وللإعداد المسبق الجيد ولشعور جميع أفراد البعثة بأن لهم رهان لابد من كسبه في فترة تاريخية من أعز فترات تاريخ بلادنا أمام الأشقاء العرب الذين كانوا لا يعرفون إلا القليل على تونس وكان البعض يحمل معلومات مغلوطة و ملوثة بالدعايات السياسية الرذيلة. كانت مصر تعيش في سنة 1956  أوج شعبية  نظام جمال عبد الناصر وكان شهر جويلية 1956 شهر الخطاب الشهير الذي أعلن فيه الرئيس المصري تأميم القناة متحديا الدول الغربية ومستكملا إعادة الشعور بالكرامة لكافة المصريين وكذلك للشعوب العربية. وزار عبد الناصر المعسكر الكشفي بالإسكندرية اسبوعا بعد انطلاق أشغاله وأستمع من كافة قادة البعثات العربية المشاركة في المعسكر إلى كلمات  وجيزة ولما أتى دوري ارتجلت كلمة قصيرة أبلغته فيها بالخصوص :" أننا أتينا للإسكندرية بتحيات وتقدير وشكر الشعب التونسي و الزعيم  العربي الأصيل الحبيب بورقيبة أول رئيس حكومة تونس المستقلة منذ 20 مارس 1956.وأضفت لنا قانعات كبيرة أن السنوات القادمة ستكشف للجميع مدى تعلق الزعيم بورقيبة  والشعب التونسي بالإسهام الجدي في بناء الوحدة العربية بمرحلية  وعلى أسس سليمة وعملية على غرار منهجية  الدول الأوروبية التي أبرمت  سنة   1955 اتفاقية رومه للانطلاق في بناء سوقها المشتركة و حدتها الاقتصادية التي تمثل العمود الفقري والأساسي للوحدة السياسية الثابة" .وتفاجأ الرئيس عبد الناصر بمحتوى كلمتي التي خرجت نوعا ما عن البروتكول الذي اوصى به قائد المعسكر المصري وشكرني عبد الناصر مصا فحا بحرارة مع ابتسامة كبيرة وقال :" بلغوا الزعيم السيد بورقيبة رئيس حكومتكم تجديد أحر تهانيا وتمنياتنا بنجاح تونس في مسارها الجديد ..".
في الصورة إلى جانب السيارة التي وضعتها السلطة المصرية على ذمة رئيس الوفد الرسمي التونسي السيد عزوز الرباعي ثلث من قادة الوفد التونسي للقاء الكشفي العربي الكبير في مدينة الاسكندرية في شهر جويلية 1956 ويظهر في الصورة الجالسون من اليمين إلى اليسار القائد عبد المجيد عطية ثم القائد.......والقائد عبد العزيز التريكي. الصف الثاني وقوفا مرافق الوفد قائد كشفي مصري ثم السيد عزوز الرباعي رئيس الوفد الرسمي ثم مسؤول كشفي مصري ثم القائد العام للكشافة التونسية  عبد الله الزواغي ورئيس الوفد إلى المؤتمر الكشفي العربي ثم القائد.........وأخيرا القائد رشيد صفر قائد الوفد الكشفي للمعسكر الكشفي العربي وبيده حقيبة الوثائق الرسمية للبعثة وجواز السفر الجماعي لكافة أفرد البعثة التونسية.







إنغماسي في دراسة التاريخ و الاقتصاد و المالية العمومية و السياسة الجبائية.
صدفة اكتشاف المؤرخ البلجيكي الجنسية " هنري بيران". لم يذكر لنا استاذنا في التاريخ الفرنسي ' جان قنياج" في قائمة الكتب و" البيبليوقرافية" التي نصحنا بها في السنة الأولى من الاجازة في التاريخ كتب المؤرخ البلجيكي "ر هنري بيران' و كنت دوما ازور بانتظام باعة الكتب فوجدت في بداية السنة الجامعية 1956-1957 مجموعة كتب 'لهنري بيران" فاقتنيتها بدون تردد ولم أندم على ذلك وقد اكتشفت مؤرخا كبيرا له شأن...

وشاركت في صيف 1957 ضمن وفد تونسي - متركب من محمد إدريس ممثلا عن الشبيبة الدستورية{ أصبح رجل أعمال معروف في سوسة خاصة في الميدان السياحي} وتوفيق عبد المولى{ أصبح رجل أعمال} ممثلا عن الشبيبة المدرسية و كنت ممثلا عن الكشافة التونسية - في مؤتمر دولي لحركة عالمية تدعى "حركة التسلح الأخلاقي"(Mouvement du Réarmement Moral) وتهدف ظاهريا حسب وثائقها أنها تعمل من أجل التقارب بين الشعوب وترسيخ القيم الأخلاقية في العلاقات بين الدول وانتظم المؤتمر بجزيرة "ماكناك إزلند" Ile de Mackinacوهي جزيرة في البحيرات الكبرى التي توجد في الحدود الفاصلة بين دولة كندا والولايات المتحدة الأمريكية والجزيرة تقع ببحيرة " هيرون" lac Huron وكان يترأس في تلك الفترة هذه الحركة الفكرية  مؤسسها الدكتور "بوكمام" ( Dr Buchman) وهو أمركي الجنسية توفي سنة 1961.ولكن يبدو أن هذه الحركة التي كانت أساسا تحاول إيجاد بديل للاديولوجية الشوعية يكون قادرا على  بناء عالم يسوده الاخاء والتعاون والسلم وكانت مناهجها مبنية على نوع من الهشاشة  فلم تعمر طويلا بعد موت مؤسسها.وإهتمت حركة التسلح الأخلاقي سنة 1957 بالخصوص بالدول الإفريقية التي استقلت أو بصدد الاستعداد للتحصيل على استقلالها. وفعلا وجد الوفد التونسي نفسه في جزيرة "ماكناك" مع عدد هام من الأفارقة الدين سيتحملون في ما بعد مسؤوليات عليا في بلدانهم وخاصة في الكامرون ونيجيريا وكينيا..وقد ركزت الحركة على محاولة تصور  للتعاون بين البيض والسود لبناء "مستقبل إفريقية" ما بعد الاستعمار.لم يكن للوفد التونسي أي تعليمات لا من المنظمات الشبابية المنتمين إليها ولا من وزارة الخارجية التونسية التي  طلبت و شجعت على المشاركة في المؤتمر. وكان سفير تونس في الولايات المتحدة الزعيم المنجي سليم قد استقبلنا في السفارة واصطحبنا في سيارته من مدينة واشطرن إلى مدينة نيويورك أين  وجدنا الطائرة التي نقلتنا إلى مدينة ديترو. ولم يمدنا المنجي سليم لا بتعليمات ولا بتوصيات في ما يتعلق بمساهمتنا في المؤتمر فتصرفنا بكل حرية وأجتهد كل منا وكانت مداخلاتنا متكاملة وابرزت نوع من التوافق التونسي بالنسبة للوفود الافريقة الأخرى التي لم تكن مشاركتها ناشطة. وكنا نشعر من خلال شبه صمت الوفود الإفريقية أنها كانت أتت لتتعلم أهداف الحركة وسبل نشرها في أقطارها في الوقت التي قام الوفد التونسي بواجب النقاش والإشارة إلى نقط ضعف مناهج الحركة وتركها جانبا القضايا الأساسية المتصلة بسبل تنمية حقيقية للدول الإفريقية بعد سلب ثرواتها من طرف الاستعمار.وقد تناول الوفد التونسي بالخصوص ضرورة تبني المنتظم الدولي برنامجا تنموي خاص بالدول التي تحصلت على استقلالها. و وضحنا أنه يتعين على البرنامج إعطاء أولوية قصوى لإعداد وتكوين القوى البشرية مع توفير تمويل للتنمية بشروط ميسرة يستوحى من برنامج "مارشال" الذي مكن الدول الأوروبية إعادة بناء اقتصادها بعد الحرب العالمية الثانية. وكانت لي شخصيا ثلاث تدخلات في هذا الاتجاه نالت بالطبع استحسان عدد من الوفود وأحرجت منظمي المؤتمر وبالخصوص الدكتور" بوكمان " الذي كان حاضرا في الجلسات العامة التي أخذت فيها الكلمة وتحمست في تدخلي الأول مشيرا  بإنتقاد إلى عدم مشاركتنا في اجتماع  علمنا به من طرف بعض المشاركين و كان يعقد مبكرا كل صباح لتقييم نشاط اليوم السابق وأخذ التدابير بالنسبة لتوجيه أشغال المؤتمر. وبينت أن مثل هذا التوجه يفقد المنهج الديمقراطي والشفافية الذي تتدعي الحركة في وثاءقها الموزعة علينا أنها حريصة كل الحرص على إتابعها. وبعد هذا التدخل وقع استدعاء كافة المشاركين لحضور بالتداول والاسهام في أعمال ومناقشات الجلسة الصباحية التي كانت تبدو للبعض بشبه الجلسات السرية وهكذا تمكن الوفد التونسي من إنتقاد منهجية عمل الحركة وأهدافه وتقديم مقترحات تتعلق بالخصوص بالمنظومة العالمية المالية التي يتعين إصلاحها وتطويرها حتى تتمكن الدول المستقلة حديثا من تحقيق تنمية سليمة ومتوازنة بدون أن تغرق في التداين الخارجي...ولكن لم تتبنى الحركة مثل هذه الاقتراحات لان أهدافها الحقيية كانت البحث عن سبل الهيمنة على الدول ولم ترم على الدفاع عن سبل تحقيق تكافء الفرص لتسهيل تنمية عادلة في الدول المتخلفة من جراء الاستعمار. وخرجنا من المؤتمر بخيبة أمل...أكدتها في السنوات القادمة تلاشي الحركة..أعلمت بكل التفاصيل القاءد العام للكشافة التونسية عبد الله الزواغي بعد عودتي على تونس ناصحا بأن لا تضيع المنظمة الكشفية التونسية وقتها مع مثل هذه الحركة.....

وانضممت كذلك في سنة 1957 إلى عضوية الهيئة العليا للشبيبة الدستورية  بطلب من رئيسها الأستاذ محمود المعموري وعهد إلي المساهمة في تكوين إطارات الشبيبة الدستورية وكان من بين أعضاء الهيئة في تلك الفترة بالخصوص كل من المرحوم المناضل محمد صالح بلحاج وصالح لدغم ( شقيق الباهي لدغم). وأشرفت في عطلة ربيع 1957 على الحلقة التدريبية التي انتظمت بفرع المدرسة الصاديقية "خزندار" واختتم هذه الدورة الأمين العام للحزب الباهي لدغم. وتعهدت القيام بعدد من الدروس والمحاضرات وذلك بالتنقل أيام الأحد من كل أسبوع إلى  مدرسة تكوين الإطارات ببلدة عين دراهم في مبنى مضائف الشباب.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

BIOGRAPHIE EXPRESS DE RACHID SFAR.
Rachid Sfar (رشيد صفر), né le 11 septembre 1933 à Mahdia, est un technocrate tunisien qui a été amené à assumer de lourdes responsabilités politiques pendant des périodes difficiles pour son pays .Nommé Premier ministre pour redresser les finances du pays, il sera l'avant-dernier chef de gouvernement du président Habib Bourguiba et sera remercié un mois avant la destitution de ce dernier.Fils de Tahar Sfar, cofondateur avec Habib Bourguiba, Mahmoud El Materi, Bahri Guiga et de M'hamed Bourguiba du Néo-Destour en 1934,
Sa formation.
Rachid Sfar effectue, après des études secondaires dans un collège de Sfax de 1947 à juin 1953, des études supérieures de lettres, de droit et de sciences économiques à Tunis où il compte notamment parmi ses professeurs François Châtelet, professeur de philosophie enseignant à Tunis de 1953 à 1955, Raymond Barre, professeur d'économie politique dont il suit les cours pendant les années de son enseignement en Tunisie, et Jean Ganiage, professeur d'histoire qui le charge en novembre 1956 de faire un exposé sur l'historique du « miracle économique » japonais. La préparation de cet exposé ainsi qu’une conférence présentée par Raymond Barre en janvier 1954 sur la situation de l’économie tunisienne sont à l'origine de son choix définitif porté sur une orientation vers les sciences économiques, les finances publiques et la fiscalité. Rachid Sfar achève ses études à Paris (1958-1959) où il suit plus particulièrement les enseignements de l'École nationale des impôts (section des inspecteurs) relevant du Ministère des Finances et de l’économie.
De 1960 à 1977, il est chargé de hautes fonctions administratives notamment au ministère des Finances dont il sera le directeur général des impôts de 1969-à1970 et le secrétaire général de 1974 à 1977.
Sa carrière politique
Après avoir occupé plusieurs portefeuilles ministériels (Industrie, Défense nationale, Santé publique, Économie nationale et Finances) de 1977 à 1986, Sfar est chargé par Bourguiba des fonctions de Premier ministre, le 8 juillet 1986, pour rétablir les équilibres financiers et économiques du pays1. Il s'efforce alors de restaurer une situation financière dégradée, des réserves en devises épuisées1 et une économie affaiblie. Sous la pression de Bourguiba qui veut reprendre les rennes de son pouvoir et devant la montée du mouvement islamiste, la normalisation de la vie politique et la démocratisation initiées au début des années 1980 ne sont plus la priorité de l'État. Le gouvernement de Sfar hérite du gouvernement précédent Zine el-Abidine Ben Ali, d'abord comme ministre de l'Intérieur, puis avec le titre de ministre d'État. Rachid Sfar est remplacé par Ben Ali à la tête du gouvernement le 2 octobre 1987 dans des conditions restées célèbres : il essuie une colère du président Bourguiba à la fin du Conseil des ministres et devant tous ses collègues Bourguiba déclare ne pas se souvenir d’ avoir autorisé certaines nomination à de hautes responsabilités dont de Abdelmalek Laarif à la direction du Parti socialiste destourien (successeur du Néo-Destour) Mohamed Ghanouchi Secrétaire d’Etat au Plan et en fait porter la responsabilité à son Premier ministre.En réalité Bourguiba était en colère parce que mécontent du jugement relativement modéré prononcé par la Haute Cour présidée par Hachémi Zemmal à l’encontre des dirigeants du Mouvement Islamiste dont il escomptait la peine suprême. De surcroit sa nièce Saida Sassi , conseillée principalement, par Ben Ali lui souffla que son Premier Ministre avait encouragé les deux députés de la Haute cour Abdallah Abbab et Mohamed Mastouri à ne pas voter pour la condamnation à mort des dirigeants islamistes.

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.