Powered By Blogger

dimanche 24 août 2014

أي دروس نستخرجها من تاريخ الحركة الوطنية التونسية وبناء الدولة الحديثة؟ :في مؤسسة التميمي للبحث...


الجزء الثاني من الحديث في مؤسسة التميمي للبحث: اي دروس نستخرها من قراءة موضوعية لتاريخ الحركة الوطني و بناء الدولة الحديثة؟

و قد ضاعت فرصة دمقرطة الحزب والنظام في مؤتمر المنستير سنة 1971 . وكلنا يعلم أنه لا يمكن أن يخرج من رحم حزب غير ديمقراطي إلا نظام حكم سلطوي. وكانت نهاية الحلم بإرساء نظام ديمقراطي في بلادنا في سنة 1975 مع إقرار الرئاسة مدي الحياة. 
وفي المرحلة الأولى من بناء مؤسسات البلاد بعد الاستقلال تحمس الجميع, وأعترف أني كنت من بين الذين تحمسوا إلى مفهوم الوحدة القومية, وأتذكر أني أصدرت في سنة 1956مقالا في مجلة السبيل مجلة الكشافة الإسلامية التونسية جوابا على سؤال توجه لي به القائد محمد التريكي: كيف ترى الغد بعد تحقيق الاستقلال؟ وكان عنوان مقالي إجابة عن هذا السؤال: "جهاد متواصل من أجل تحقيق العزة والكرامة في وطننا" ونبهت في المقال من مخاطر الأحزاب التي تغذي تطاحن الطبقات مثل الأحزاب الشيوعية. وأكدت في هذا المقال -رغم نقص خبرتي السياسية- على أنه لا مناص لنا في تلك الفترة إلا من وحدة قومية صلبة نتمكن بفضلها من تخطي تحديات جسيمة تنتظرنا.ولكن تصورنا للوحدة القومية كان لا يتنافى مع مسار ديمقراطي داخل الأحزاب وفي صلب النظام. وكان الانزلاق التدريجي نحو الحكم الفردي في وطننا بعد الاستقلال اختيار نابع من القيادة وأساسا من الزعيم الحبيب بورقيبة و بطانته الخاصة ولم يكن اختيار القواعد الحزبية ولا اختيار الشعب... 
6ـ تعميم التعاضد مسؤولية جماعية في مستوى الحزب كان سي احمد بن صالح ضحيتها وكان بالإمكان في نظام ديمقراطي فضها سياسيا بطريقة حضارية بالرجوع إلى مؤتمر استثناءي للحزب. 
ومن منطلق تصوري كان بالإمكان إرساء نظام ديمقراطي تعددي مباشرة بعد فشل تجربة تعميم التعاضد – هذه التجربة التي ذهب ضحيتها الأستاذ أحمد بن صالح في الوقت الذي كانت المسؤولية مشتركة. كما يعلم الجميع لم يقرر مؤتمر بنزرت تعميم التعاضد بل أقر منهجا تنمويا سليما يضمن التوازن و المبادرات في القطاعات الثلاث: القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع التعاضدي وكل ذلك مع ضمان حرية الاختيار ثم وقع الانزلاق نحو الإجبار ثم التعميم وهو تحول كبير كان يفرض الرجوع إلى مؤتمر جديد...ولكن وقع إقرار التعميم داخل اللجنة المركزية للحزب و بغموض كبير ولو كان الحزب ديمقراطيا في أخذ قراراته لما كان يحدث هذا الانزلاق الخطير. خضرت افتتاح مؤتمر بنزرت وكذلك الاختتام ودرست لوائح الحزب وكنت متحمسا للمنهج الذي توخاه الحزب لأنه كان منهجا ملائما في تلك الفترة لظروفنا الداخلية وكذلك للظروف العالمية وفعلا ساندت المنظمات المالية الدولية ومنها البنك العالمي منهج التخطيط التونسي ومنهج التنمية الذي يعتمد على توازن ذكي في تطوير القطاعات الثلاث. وكنت أرى في تجربة التعاضد الاختياري وسيلة من وساءل مقاومة التشتت العقاري وكذلك وسيلة مثلى لتدريب التونسيين على العمل الجماعي- وهي صفة تنقصنا مع الأسف- وما يقتضيه من تنظيم محكم و شفافية وتعاون ولحمة اجتماعية. ولووقع الاستمرار على هذا المنهج دون إجبار ولا تعميم مع توخي سياسة المراحل تتماشى مع تكوين الإطارات المقتدرة لكانت بلادنا تحصلت على نتاج باهرة خاصة في الفلاحة نلمس مزاياها حتى اليوم.كان التعاضد الاختياري الذي أوصى به حتى الاقتصادي الليبرالي ريمون بار ملائما تماما لأوضاعنا ويمثل التعاضد مدرسة للتدرب على العمل الجماعي الضروري لإنجاح كل عملية تنمية مستدامة وصلبة. 
وكثير من نقائصنا التنموية ترجع إلى ضعف قدرتنا في مختلف المستويات على العمل الجماعي لأننا نشكو في مجتمعنا من تضخم الأنا. وتضخم الأنا في مجتمعنا له تداعيات خطيرة منها تقليص نجاعة العمل المشترك وضعف الإنتاجية على عكس ما هو موجود في اليابان وفي البلدان الأساوية. فالياباني وحده لا يقدر على القيام بشيء والعمل في اليابان هو عمل جماعي أو لا يكون. ورأينا في تمش سليم وإختياري للتعاضد فرصة ذهبية لتدريب تدريجيا التونسي على العمل الجماعي. وانطلقت عملية بعث التعاضديات في البداية من خلال تمشي عقلاني. كنت في ذلك الوقت مسؤولا عن وكالة التبغ والوقيد وكانت تسمى في مرحلة أولى مصلحة الاختصاصات, أرسلني لها الأخ أحمد بن صالح, كنت ملحقا بديوانة في سنة 1961, مع عبد العزيز الأصرم و كان البشير ناجي رئيس ديوان. كنا في مكتبين متجاورين وكنا في تلك الفترة على أبواب معركة بنزرت ومدني ذات يوم الأستاذ أحمد بن صالح بتقرير دسم فيه تدقيق لتصرف مصلحة الاختصاصات وهي مصلحة تابعة لوزارة المالية تموّل ميزانية الدولة, و مواردها كانت تقارب على الأقل 15% من موارد ميزانية الدولة. كان عمال وموظفو هذه المصلحة في غليان في تلك الفترة يتظاهرون أمام الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان على رأسه المرحوم أحمد التليلي ويطالبون بالتغيير في طرق التصرف وهم يصيحون " لا شىء قد تغير عندنا بعد الاستقلال" ويطالبون بمنحة الإنتاج . قدم لي أحمد بن صالح التقرير وطلب مني دراسته فطلبت منه مهلة ليومين أو ثلاثة للقيام بتلخيصه ولكن دعاني في الغد وطلب مني أن أتحمل فورا مسؤولية إدارة مصلحة الاختصاصات, فأظهرت اشمئزازي وقلت له أنا لم أدرس من أجل أن أصبح صانع سموم للمواطنين و إني أكره التبغ, فأعلمني أننا مقبلين على حرب ونحن نعيش ظروفا استثنائية وقال اعتبر نفسك أرسلت في مهمة أكيدة و وقتية لإنقاذ المؤسسة التي بها أكثر من ألف عامل. 
هذه المهمة الوقتية تواصلت من 1961 حتى 1968 وفي غرة جانفي 1969 أصبحت المدير العام للأداء ت خلفا للمرحوم محمد السبع الذين كان قد عين على رأس الخزينة العامة. في مصلحة الاختصاصات عشت تجربة التعاضد في مرحلتها الأولى وذلك من خلال نشاطي عندما تكونت أول وحدات إنتاجية في الشمال الغربي وكان إنتاج التبغ في تونس الذي يمثل 50% من استهلاكنا جله يأتي من طبرقة و غار الدماء, و سجان, و جندوبة, كانت حوالي 25000 عائلته تعيش من موارد زراعة التبغ وكانت تراقب المصلحة سنويا زراعة التبغ في مختلف مراحلها, حتى لا يقع التهريب ثم تتولى المصلحة شراء المنتوج. فعندما أقحمت هذه العائلات في الوحدات التعاضدية ومن السنة الأولى انهار إنتاج التبغ إلى أكثر من 50%. 
كتبت رسالة إلى وزير المالية والتخطيط السيد أحمد بن صالح وقدمت في الرسالة مقترحات عملية لتلافي الأمر الخطير بعد أن درست الوضع مع المسؤولين عن زراعة التبغ في المصلحة و والي جندوبة, ووجدت منهم تقبلا لمقترحاتي, اقترحت وبينت أن خصوصيات زراعة التبغ من مرحلة المشاتل إلى الزراعة ثم الحفاظ على ورقة التبغ ثم تجفيفها تستدعي كلها عمل دقبق و مضني و تستدعي كذلك عناية كبيرة كانت تسهر عليها كافة العائلة حتى يأتي المحصول إلى الوكالة في ظروف طيبة و يكون شراؤها بثمن معقول يفي بحاجيات العائلات الفقيرة. وكنت أزور شهريا هذه المناطق وأتحدث مع هذه العائلات وعندما اكتشفت النتائج الحاصلة بعد الاندماج في التعاضديات امتلأت عينيا بالدموع لأنني كنت أعرف وضع هؤلاء العائلات و أقدر تأثير ننقص ب 50% من مواردهم. 
في نطاق خصوصية هذه الزراعة العاءلية اقترحت على وزري أن نقر التدابير التالية: تقوم التعاضدية بأشغال إعداد الأرض من حرث وغيره من الخدمات الجماعية ثم تخصص مساحة معينة لكل عائلة وتقوم العائلة بكافة بقية الأشغال حتى عملية التجفيف وتقدم العائلة محصول عملها للمصلحة لشرائها وتخصم من المبلغ الذي سيدفع للعائلة كلفة خدمات التعاضدية. ضمنت كل هذه التدابير في الرسالة ووجهتها إلى الوزارة وكنت أعرف عندما كنت في الديوان أن الأستاذ أحمد بن صالح يحمل نفسه قراءة كل ما يصله فلم يخاطبني الأستاذ أحمد بن صالح في موضوع الرسالة, بل خاطبني المدير خالد بن عمار الذي كان يشرف في كتابة الدولة للفلاحة على التعاضديات وهو زميل لي وقد درس بالمدرسة القومية للإدارة الفرنسية وهو ابن الطاهر بن عمار الوزير الأول الذي أمضى على اتفاقية استقلال تونس. اتصل بي و قال: "سي رشيد قرأت رسالتك, هل تريد أن تهدم لنا مشروع التعاضد؟ فأجبته بأنني قدمت في رسالتي كافة المعطيات بموضوعية على أساس نتائج مرقمة لا نزاع فيها لسنة تجريبية ثم أني أرسلتها للوزير فما عليك إلا أن تبليغ اقتراحاتي للوزير كي نتلافى في الموسم المقبل خسائر كبيرة للعائلات ولميزانية الدولة , وأضفت: لقد قدمت اقتراحات عملية توفق بين مصلحة التعاضدية ومصلحة العائلات الضعيفة الدخل ومصلحة ميزانية الدولة و من فضلك لا تدخلني في مسائل إيديولوجية, فإن كانت لك اقتراحات عملية أفضل قدمها لي في رسالة وإذا كنت لن تجيبني عن رسالتي سأعتبر السكوت علامة على الرضى, وسأنسق التنفيذ مع والي جندوبة وهو موافق على مقترحاتي. وفعلا انطلقت في تنفيذ مقترحاتي ورجع الانتاج إلى مستواه العادي ولم يعارضني سي أحمد بن صالح, وكان ذلك ربما في سنة 1965 أو 1964 وحتى عندما زرته في منزله بعد إزاحته من مسؤولياته في سبتنبر 1969 لم يحدثني عن هذا الموضوع أبدا. 
وبدأت في سنة 1969 تبرز إشكالية تفاقم ديون وخسائر بعض المؤسسات العمومية بعضها كان راجع لأسباب هيكلية وبعضها كان ناتج عن خلل في التصرف. وكنا مجموعة من الإطارات العليا نحضر في لجنة الدراسات للحزب الذي كان مقرها أمام الحزب في نهج روما في عمارة بها قاعة اجتماعات فسيحة كان يحضر في هذه الاجتماعات الأستاذ الهادي نويرة والحبيب بورقيبة الأبن والأستاذ أحمد بن صالح الذي كان يترأس الاجتماعات الدورية, و كنت في تلك الفترة مسؤولا على إدارة الاداءات و وكنت مسؤولا كذلك كمراقب مالي لثلاثة مؤسسات عمومية منها الشركة التونسية للكهرباء والغاز التي كان يديرها السيد بكار التوزاني. ومع عدد من الزملاء أثرنا في اجتماع من اجتماعات لجنة الدراسات موضوع تفاقم خسائر بعض المؤسسات العمومية وذكرنا بعض الأسباب ودعونا إلى أخد التدابير اللزمة لتحسين أساليب التصرف. واستمع إلينا الجميع بانتباه, وفرح الأستاذ الهادي نويرة بطرح الموضوع من القاعدة وتجاوب معنا الأستاذ أحمد بن صالح بكل تلقائية وفي نهاية الحديث تقرر تشكيل لجنة متكونة من التيجاني حرشة, ورشيد بن يدر, محمد غنيمة ورشيد صفر لإعداد دليل حسن للتصرف في المؤسسات العمومية, و كان ذلك في شهر ماي 1969 .انطلقنا نعمل وكنا في غالب الوقت نجتمع أسبوعيا في منزلي خاصة في فصل الصيف و تتم الاجتماعات في المساء للتحاور ولتقارب وجهات النظر, وعندما انتهينا من صياغة هذا الدليل في خريف 1969 برزت للعموم ما سمي بأزمة التعاضد وأنتم تعرفون كافة تفاصيلها. وكان من المفروض الاقتصار على قرار سياسي على أقصى حد, وكانت محاكمة الأستاذ أحمد بن صالح في غير محلها, مظلمة في حقه وخطأ سياسي فادح تحملت تداعياته البلاد. قد تحمس الرجل في الحقيقة للتعميم ولم يكن بمفرده وتفاعل معه الكثير بما فيهم الرئيس الذي كان في المقدمة. وقد أعترف بذلك بعد رجوعه من فرنسا ومرضه الخطير. قد اعترف الرئيس بورقيبة في خطابه أنه أخطأ في توجهه ولكن أعتبر أن بن صالح هو الذي غالطه لإبراز نتائج إيجابية كبيرة. وفي الواقع هنالك نتائج إيجابية بالنسبة للمرحلة الأولى منها خاصة الأراضي الدولية التي انطلقت فيها الأعمال بتنظيم محكم من طرف إطارات ذات كفاءة عالية. ولكن لم تكن إطارات متوفرة لعملية التعميم وأصبحت التجمعات إجبارية وعندها حصل الاشكال. 
بمجرد بلوغنا قرار التعميم اتفقت مع زميلي المنصف بالحاج عمر مدير الميزانية على طلب موعد لمقابلة السيد أحمد بن صالح في مكتبه بالقصبة. وبقيت الصورة أمامي لا تمحى وقلنا له بكل صراحة:" نحن لسنا سياسيين محنكين.. ولكن بحكم مسؤولياتنا كإطارات على رأس إدارات إستراتجية بالنسبة لاقتصاد البلاد رأينا من واجبنا أن نبلغكم بأننا نعتقد أنه لا يوجد أي مبرر عقلاني ولا علمي ولا تقني يفسر أو يبرر مثل هذا القرار الخطير, وليست لدينا الإمكانيات خاصة البشرية للإقبال على هذا التعميم السريع و الكارثي من جميع الأوجه, وبالرغم من انطلاق نشاط مدرسة التعاضد لتكوين الإطارات يبقى عددها غير كافي." انطلقنا في تحليلنا للأوضاع لا من منطلق إيديولوجي بل من منطلق عملي وتقني و كان واجبنا يملي علينا هذا التحذير لوزرينا الذي كنا وبقينا نكن له كل التقدير لتفانيه وحماسه في العمل ونظافة يده. أجابنا السيد بن صالح بأن "القرار هو قرار السيد الرئيس" الذي يكون قد قال له:" أسرعوا وأنجزوا قبل أن أرحل عنكم ولن تستطيعوا بعدي تحقيق هذا العمل الجبار." خرجنا من مكتب وزيرنا محتارين....ولما وضع في الاقامة الجبرية في منزله قمنا بزيارته للتعبير له عن تقديرنا للمجهودات الكبيرة التي قام بها. و بقيت في ذاكرتي توصيته ونحن نغادر بيته: " حافظوا على تفانيكم في خدمة الوطن وعلى نظافة اليد". 
عندما وقع تعييني مدير الاداءات في شهر جانفي 1969 اتصل بي هاتفيا سي الهادي نويرة وكان محافظ البنك المركزي وبعده, المرحوم علي الزواوي و كان محافط مساعد للسيد نويرة وقالا لي نفس الكلام:" سي رشيد نهنئك بالمسؤولية الجديدة الثقيلة ولكن كيف ستفعل لتحقيق استخلاص موارد الدولة؟ " كانت تلك التهنية الهاتفية الثنائية قد زادتني يقظة و جعلتني أشعر أني أمام تحدى كبير وابتكرت إلى جانب عدد من الاصلاحات التنظيمية الأكيدة طريقة جديدة لمتابعة شهرية دقيقة وتحليل وعمق لنتائج مختلف أنواع الاستخلاصات الجباءية وذلك على المستوى كل ولاية ثم على المستوى القومي. وباشرت طيلة السنة هذا العمل بنفسي مع تشريك كافة رؤساء المصالح وكنا نأخذ التدابير العملية على ضوء تلك المتابعة الدقيقة و الشهرية, وأعتقد أن المؤرخين سيجدون في وثائق الخزينة كافة الأرقام التي تفسر كيف أنه في هذه السنة التي اعتبرت سنة أزمة مالية من جراء تعميم التعاضد قد توقفنا في إدارة الاداءات إلى الاقتراب من تحقيق إستخلاصات موارد الميزانية لسنة 1969 كانت قريبة جدا من التقديرات المرسومة في قانون المالية. و هذا يبين بما لا شك فيه أن الأزمة من الناحية المالية لم تكن بالخطورة التي قدمت بها,و صحيح أن هنالك أشياء لو استمرت لكانت تؤدي إلى أزمة مالية حقيقية. 
وتجدر الاشارة إلى انه من الخطأ الحكم على فترة السيد أحمد بن صالح من خلال ما سمي بأزمة التعاضد. فللرجل الفضل الكبير في ترسيخ العمل التنموي عن طريق التخطيط العصري والمرن. كما له الفضل في انطلاق النواة الصناعية الوطنية الأولى ومشاريع صناعية كبرى هيكلت الجهات وكانت قاطرة لقطاعات صناعية توسعت في ما بعد ولا ننسى فضله في بعث الوحدات السياحية الأولى التي أعطت نتائجها في سبعينيات الفرن الماضي. 
في قراءة موضوعية للتاريخ فوائد جمة ولا تنقص هذه القراءة من قيمة من إجتهد وعمل بصدق ولا تنقص من قيمة من تحملوا المسؤوليات في مرحلة معينة. وعلينا أن نعترف بأخطائنا لأن الأخطاء هي من سمة البشر, والكمال غير موجود في البشر, والعمل يكون غالبا منقوصا وذلك حتى في المجتمعات التي تنعم بالحرية وبالديمقراطية. وفي العمل الاقتصادي وفي العمل السياسي ليس هنالك حلولا مثلى, هنالك حلول تتصف بأقل عيوب من غيرها. والأستاذ الهادي البكوش الحاضر معنا اليوم بإمكانه أن يفسر لنا مفهوم النسبية في القرار السياسي la relativité de la décision dans le domaine politique وهذه النسبية نجدها في القرارات الاقتصادية والمالية. 
إما في ما يخص العلوم الاقتصادية و خلافا لما يتصوره الكثير أن العلوم الاقتصادية ليست بالعلوم الصحيحة وبالرغم من توغل الرياضيات والأمثلة الرياضية في الاقتصاد يبقى منطلقها الاساسي نابع من العلوم الإنسانية. نعم يتعين أن يكون منطلق الاقتصاد السليم أساسا العلوم الإنسانية والاقتصاد السياسي... 
الأزمة المالية العالمية التي انطلقت من البنوك الأمريكية سنة 2008هي كذلك أزمة العلوم الاقتصادية ومن بين العناصر المفسرة للازمة –وهي عديدة-نجد البرمجيات الإعلامية التي صممت لبيع وشراء الأسهم في البنوك والمؤسسات المالية. وهي برمجيات أصبحت خارجة عن نطاق يد البشر والإطارات وأصبحت الحواسيب بصفة أوتوماتيكية اعتمادا على هذه البرمجيات تقرر بيع وشراء الأسهم والرقاع والمنتجات المالية المعقدة والغامضة في لمح البصر و على مدى الأربع وعشرون ساعة. وأن كبار الاقتصاديين يعرفون حق المعرفة أنه مثل ما هو الشأن في المجال السياسي, يبقى القرار الاقتصادي مجرد اجتهاد بشري.. لذلك من واجب الاقتصاديين تقديم كل الحلول المتاحة مع تبيان فرضياتها و مزاياها و كذلك عيوبها. ويبقى على السياسيين مسؤولية أخد القرار النهائي. وفي الفترة الأخيرة التي عاشها العالم في ضل عولمة متوحشة و بلا ضوابط, طغت غالبا القرارات الاقتصادية المتعلقة بإزالة الضوابط على القرارات السياسية التي كان من واجبها تهذيب توحش العولمة. فالأزمة العالمية حتمت الرجوع إلى تدخل الدولة الذكي أي إلى القرار السياسي شريطة أن يكون حكيم.. 
لقد مر الوقت بسرعة ولم أتناول مواضيع كثيرة منها الأزمات الكثيرة التي عشناها مثل أزمة جانفي 1978 وأزمة الخبز في جانفي 1984 وأزمة 1986 ونهاية عهد بورقيبة وفساد عهد بن علي.. ولكن نظرا لقصر الوقت في هذا اليوم نكتفي بهذه المقدمة التي يمكن أن نستخرج منها على الأقل درس أولي يصلح للمستقبل: في الخمس العقود الماضية حققنا إنجازات كبيرة لا يمكن إنكارها في مقدمتها تحرير المرأة ونشر التعليم وتعميمه وتركيز نسيج اقتصادي محترم ولكن ارتكبنا أخطاء جسيمة وعشنا أزمات خطيرة كان بالإمكان تفاديها لو كانت الديمقراطية الحقيقية متوفرة داخل الأحزاب السياسية و في المنظمات وفي في المجتمع المدني وفي النظام السياسي للبلاد. 
د. عبد الجليل التميمي: 
شكرا على هذه الرسالة الناضجة هذه رسالة من مسؤول عرف خبايا الدولة, أنا أهنئك بهذه الحصيلة, الفاعلة جدا وأعتقد أنك الآن فهذا الأسلوب السهل الممتنع فد أبلغنا كل هذه التأرجحات بأمانة وبصدق وبشفاف

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

BIOGRAPHIE EXPRESS DE RACHID SFAR.
Rachid Sfar (رشيد صفر), né le 11 septembre 1933 à Mahdia, est un technocrate tunisien qui a été amené à assumer de lourdes responsabilités politiques pendant des périodes difficiles pour son pays .Nommé Premier ministre pour redresser les finances du pays, il sera l'avant-dernier chef de gouvernement du président Habib Bourguiba et sera remercié un mois avant la destitution de ce dernier.Fils de Tahar Sfar, cofondateur avec Habib Bourguiba, Mahmoud El Materi, Bahri Guiga et de M'hamed Bourguiba du Néo-Destour en 1934,
Sa formation.
Rachid Sfar effectue, après des études secondaires dans un collège de Sfax de 1947 à juin 1953, des études supérieures de lettres, de droit et de sciences économiques à Tunis où il compte notamment parmi ses professeurs François Châtelet, professeur de philosophie enseignant à Tunis de 1953 à 1955, Raymond Barre, professeur d'économie politique dont il suit les cours pendant les années de son enseignement en Tunisie, et Jean Ganiage, professeur d'histoire qui le charge en novembre 1956 de faire un exposé sur l'historique du « miracle économique » japonais. La préparation de cet exposé ainsi qu’une conférence présentée par Raymond Barre en janvier 1954 sur la situation de l’économie tunisienne sont à l'origine de son choix définitif porté sur une orientation vers les sciences économiques, les finances publiques et la fiscalité. Rachid Sfar achève ses études à Paris (1958-1959) où il suit plus particulièrement les enseignements de l'École nationale des impôts (section des inspecteurs) relevant du Ministère des Finances et de l’économie.
De 1960 à 1977, il est chargé de hautes fonctions administratives notamment au ministère des Finances dont il sera le directeur général des impôts de 1969-à1970 et le secrétaire général de 1974 à 1977.
Sa carrière politique
Après avoir occupé plusieurs portefeuilles ministériels (Industrie, Défense nationale, Santé publique, Économie nationale et Finances) de 1977 à 1986, Sfar est chargé par Bourguiba des fonctions de Premier ministre, le 8 juillet 1986, pour rétablir les équilibres financiers et économiques du pays1. Il s'efforce alors de restaurer une situation financière dégradée, des réserves en devises épuisées1 et une économie affaiblie. Sous la pression de Bourguiba qui veut reprendre les rennes de son pouvoir et devant la montée du mouvement islamiste, la normalisation de la vie politique et la démocratisation initiées au début des années 1980 ne sont plus la priorité de l'État. Le gouvernement de Sfar hérite du gouvernement précédent Zine el-Abidine Ben Ali, d'abord comme ministre de l'Intérieur, puis avec le titre de ministre d'État. Rachid Sfar est remplacé par Ben Ali à la tête du gouvernement le 2 octobre 1987 dans des conditions restées célèbres : il essuie une colère du président Bourguiba à la fin du Conseil des ministres et devant tous ses collègues Bourguiba déclare ne pas se souvenir d’ avoir autorisé certaines nomination à de hautes responsabilités dont de Abdelmalek Laarif à la direction du Parti socialiste destourien (successeur du Néo-Destour) Mohamed Ghanouchi Secrétaire d’Etat au Plan et en fait porter la responsabilité à son Premier ministre.En réalité Bourguiba était en colère parce que mécontent du jugement relativement modéré prononcé par la Haute Cour présidée par Hachémi Zemmal à l’encontre des dirigeants du Mouvement Islamiste dont il escomptait la peine suprême. De surcroit sa nièce Saida Sassi , conseillée principalement, par Ben Ali lui souffla que son Premier Ministre avait encouragé les deux députés de la Haute cour Abdallah Abbab et Mohamed Mastouri à ne pas voter pour la condamnation à mort des dirigeants islamistes.

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.